قصة ..دعاء الطريق

القصة القصيرة
-(دعاء الطريق)-
مد الصباح راحتيه الي وجهي فترقرقت بكل حنان علي شعري..ثم اقبل بعد قليل ليبهج روحي بقبلة علي اساريري فاذا هي العزم واذ بي ارد قبلته بنظرة باسمة لوجه الصافي المنطوي بين ضلوع السحاب فاذا هي ثوب العزم في نوره الوهاج،لقد عانقني بكل لطف وشغف ورست علي صفحته طمأنينة مهجتي ودعابة روحي..أشكرا لك يا ربي علي حنانه عليّ في كل مكان حتي في اتوبيس النقل العام فانظر لصفحة الشمس الصافية بين كف السحاب فاذا هي تنضم بحنانها بين احضان السماء فتضئ الارض بحبها الطاهر فتترك في النفس سعادة الدفئ في ايام الشتاء،وها هي امراءة ريفية صعدت الاتوبيس صعود الكرماء،وقد حملت علي رأسها لبة رزقها،هذا الحمل الذي فاحت منه طيبة روحها وغايات يومها،وشاء النسيم ان يرق قلبه لتلك الروائح فغني بجمالها وانصت الجميع للحنه البديع،فاذا هي الانغام تسري في روح كل ذي عزيمة واذا هي النفوس تري الانسانة الطيبة تنساب بين الجميع في خفة ولطف..لا تعرف الخبث ولا يلومها احد به ولا جرت في دمها سمة القلي او اشددت في عينها نظرات الحقد،ومع ان الحمل يبدو عليها ثقيلا من حجمه وهيئته التي قدرت وزنه،الا انها قابلت ذلك بعبارة..توكلنا علي الله سبقتها همسة اودعت فيها قولها بسم الله ،وانزلت الحمل الذي قادته رأسها فحملته بعزةٍ وجلد لتجلس بآخر المقاعد وقد انطلق بعد جلوسها ببضع لحظات..همسات دؤوبة،ليصدح النسيم ويترنم فيترنح القلب في كل وادي صافي وقد رفرفت انغامه علي كل مسمع ..فحمل بين طياته نشيد الاصرار في روح كل جالس وواقف فاذا هو اقراط لا تنساها عيون الزمان ،ليجمع الركب بدعوة مباركة في وجه تلك الفلاحة الاصيلة..
..وتلك النغمات سارت تغشي الاتوبيس وتكمن في روائح الفطير حتي اذا دعاها الجلوس مالجمال هذا العبير يا حاجه..! . الله يبارك فيكي...
وروائح اخري تتركز في الجبن الابيض واللبن الدسم الذي غلب لحن الفطير الاول،وبينما الجميع في انشراحٍ تام لهذا التجلي،اجدها كما اسمعها في حلقة ذكر علي الارجح فهي تنسي تلهي الجميع باحاديثهم ونوادرهم وتقبلت دعواهم ببحه باسمة وانشغلت مذ جلوسها بترديد وردا وذكر غلبه حرف السين في كل نفس من هذا النسيم..بل لانها افرطت في ذلك بهمس وحب بندفاع الماء الغزير بتدفقه عند كل صب شلال، سمعت هذا الحرف مرارا وتكرارا منها،فادركت انها تسابيح لله عز و جل لا تدعوه بان يرزقها في عملها او ان تسأله ان يعفو عنها او تسأله الجنة وتعوذ به من النار بل انها ذكرته تعالي واجللته ولم تسأله شيئا فقد كانت تري في ذكره تعالي فرض علي الصابرين النتقين فاخذت تذكره وفي قلبها نية المغفرة وسؤال الرضا والرحمة وطلب الرزق فدعوتُ ان يطير كل أطير دعته الايام في روح تلك السيدة.
والقيت نظرةً خاطفة عليها فاذا هي امراءة اخذها الشيب سهوا وابصرها الخير رزقا
رسمت اساريرها معالم الاصرار وشق في وجنتها شكر الله تعالي فاذا هو اللسان ينطلق بين الشفتين بالوجس فيندفع اندفاع عباد الله عند طوافهم بمكة..ويشق في روح كل واجم الامل بالله تعالي فـَنبهت همتها الشيخ الذي بجواري للتسبيح وشكر الله تعالي علي تلك الحياة،وما فيها من خير او شر،حتي وقف الاتوبيس في وسط طريقي فبادرت بالرحيل وأخذت حملها بدون مساعدة وهي تلفظ انفاسها بابتهاج لحملها،نعمةُ رزقها،فقالت بسم الله،ونزلت فأردت ان اساعدها لكنها مضيت دون أن تسأل أحد المساعدة بل مضت في صمت الصابرين يشاركها فيه جموع مألفة فنسابت بينهم وانسلت فتلهفت العين لرؤيتها لكن عزيمتها كانت اسرع من خطواتها فاختفت بين صدي النسيم الذي حمله حملها وراحت اقدامها تدب في الارض أمر البعد عنا بين كل هؤلاء البسطاء ومضي الاتوبيس،الا ان بادهني النسيم اللطيف بهواءٍ غاضب
من افعال الناس فلاقيت غضبه بنظرة معتادة فتمني القلب ان تعود تلك السيدة بعدما أسن علينا الهواء من قبضة الحقد والبغض ,مأفون في طيشه باتربة قدره من الارواح الخبيثة والاجساد المسعورة،فكم آنسني نسيمها بعد دجاي البائس،وقبل ظهيرتي المرهقة..وبين هذا وذاك كان دعاء الطريق.