تووووووت تووووووووووووووت صوت معهود يستيقظ عليه كل صباح
فإن لم يكن هذا الصوت فصوت سرينة الشرطة .
يستيقظ ليبدأ يومه الطويل والمليء بالأحداث المثيرة والمشوقة
يومه بمائة يوم مما نعيش نحن الطبيعيين.
............القصة ..............
إسلام اصحي بإسلام
الا يجب أن تكون هذه الكلمات صادرة عن صوت ام يحمل الحنان والدفء توقظ طفلها الصغير البرئ وتأخذه بين أحضانها الدافئة وتدخله الحمام لتهتم بنظافته وتحضر له الطعام وتذهب به إلي المدرسة، ألا يجب أن يكون هذا حال طفل في السابعة.
ولكن ليس الصوت صوت آم ولكنه صوت الخيال يتردد في أحلام الطفل إسلام صادرا عنه هو
فكأنه يوقظ نفسه لأنه يعلم انه ليس لديه من يوقظه.
وبدأ إسلام في الاستيقاظ لينتقل بنا من عالم الخيال إلي عالم الواقع
العالم الذي يعيش ونشاهده وهو يعيشه ولكننا لا نعلم تفاصيل هذا العالم !
...............
فتح إسلام عينه وهو يبصر السقف المرتفع الذي ليس بسقف منزل معتاد يسكنه الناس.
ولكنه منزل من نوع أخر، منزل سقفه الكوبري العلوي أثاثه أكياس القمامة القذرة سكانه الكلاب الضالة، منزل يضم إسلام والكثير من الصبايا والفتيان بعمر إسلام وأصغر منه وأكبر
أيضا. استيقظ إسلام من نومه ويشغل باله سؤال واحد لم يفارقه دوما لماذا أنا هنا ؟
دائما ما يطرحه علي نفسه ولا يجد له أي جواب دائما ما يقول لنفسه أين أبي؟ أين أمي ؟ ولماذا أنا هنا ؟ ..... ودوما لا يجد الجواب
قام إسلام من سريره الرقيق الناعم
نعم رقيق ناعم لأنه يتكون من صدور وظهور لأطفال ينامون بشكل هرمي
فقام إسلام ينادي قائلا (ريتا) واد يريتا أنت فين ياريتا فسمع صوت يصدر من تحته
قائلا: أنا جنبك أهو ياد(ريتا 10 سنوات) فقام إسلام وشد يد ريتا
فقام الطفلان الصغيران لكي يبدأنا يوما من أيامهم العادية ولكن دون أن يعلموا أن هذا اليوم لن يكون كسالف أيامهم...
توجه إسلام إلي ماء النيل ليغسل وجهه ولكن ريتا لا يغسل وجهه وكأن بينه وبين الماء عداوة
فربما لم يغسل وجهه من عدة شهور
خرجا الطفلان معا وهما يتدافعا ويتبادلا الشتائم والضحكات متوجهان إلي المعلمة
(ام حنان)
ريتا : صباح الفل يمعلمة
أم حنان : صباح الزفت يابن الكلب وطااااااااااخ (ألم علي وش ريتا)
ريتا : وهو يحك وجهه تسلم إسطباحتك يمعلمة
أم حنان : توكم جيين يولاد البهايم ... مش عارفين إننا لازم نشتغل بدري ولا أنتو فكرين نفسكم شغالين عند أهاليكم...
ووجهت وجهها نحو إسلام قائلة: وأنت يمسهوك واقف بعيد ليه مش هتاخد اسطباحتك أنت كمان ولا أيه؟
أقترب إسلام من أم حنان بخطوات بطيئة متأنية وهو يضع يده علي وجهه الصغير
أم حنان بصوت جهوري : قرب يابن البهايم
وعندما أقترب إسلام منها
أم حنان بعيون غاضبة منتفخة: نزل أيدك وحطها في جنبك يااااد
وعندما أنزل يده الصغيرة أنزلت أم حنان علي خده يدها الحجرية طراااخ (يعيني علـ الحنان)
فسقط إسلام علي الأرض ثم قام سريع وجري ووقف بعيد ووجه الأبيض الصغير يشكو من الظلم البشري الواقع عليه ولكن الطفل قد بدأ يعتاد علي هذه الإسطباحة ولكنها هذا اليوم كانت أشد مما جعل العيون البريئة تزرف الدموع .
خد يمسهوك المناديل وبعد الظهر تيجي تاخد غيرهم بعد متكون بعتهم... وأنت يأبو وش وحش فوطة جديدة أهي ومش عايزة أشوف وشك الوحش ده الا بعد صلاة العشا فاهم
ريتا : فاهم يمعلمة ... وبصوت متخاذل قال... طيب مش هتدينا نفطر
فقامت أم حنان من مكانها ولطمت ريتا علي خديه بكفيها وأمسكته من أذنيه الاثنين ورفعته للأعلى قائلة: فطار أيه يابن الكلب مش لما تعملوا بيه الأول ثم ألقته علي ظهره بدون رحمة ولا شفقة .................. (يخرب بيت أمك يأم حنان)
قام مهرولا الصغير ريتا يتبعه إسلام محاولا الهرب من أمام المعلمة الثائرة
مرددا حاضر يمعلمة حاضر يمعلمة
وخرج الطفلان من عند المعلمة الظالمة
فقال إسلام لريتا : ريتا أنا جعان وبدء في البكاء
ريتا : متعيطشي يإسلام
إسلام في حسرة وألم : كان نفسي يكون عندي بابا وماما
وفجأة توجه ريتا إلي جانب من الطريق وجلس واضعا يده علي عينه ورأسه بين ركبتيه وأخذ يبكي بشدة وألم
فلما نظر إسلام إليه ووجده هكذا ذهب إليه وجلس بجوار وأخذ يطبطب عليه
ثم قام معا وتوجه إلي مكان عملهما المزعوم
توجها إلي إشارة مرور حيث يقوم إسلام ببيع المناديل لسائقي السيارات
ويقوم ريتا بتلميع الزجاج للسيارات المتوقفة في الإشارة في انتظار حسنة من قائدي هذه السيارات واستمر الحال إلي وقت الظهيرة وعندها تملك العطش من ريتا حتي بلغ منه مبلغ الهلث فذهب ناحية إسلام وقال له إنه ذاهب لكي يروي عطشه من خرطوم مياه ملقي بأحد الحدائق الجانبية
فسأله إسلام : هو إحنا مش هناكل ولا أيه ؟
فأجاب ريتا بسؤال أخر : عملت كام لحد دلوقتي ؟
إسلام : 2 جنيه وأنت معاك كام
ريتا : لا معييش فلوس. وترك ريتا إسلام وانصرف، ومر الوقت علي إسلام ولم يعد ريتا
فذهب إلي الحديقة لكي يبحث عنه ولكنه لم يجده فأخذ يبحث في الشوارع الجانبية حتي وجده
جالساً علي الأرض وبين قدميه طبق فول وممسكا ببعض الخبز
فجري إسلام إليه ووقف بجواره قائلا : إنت جبت الأكل ده منين؟
ريتا : أنا جبت من عربية الفول دي ولو عايز روح هات من فلوسك
إسلام : أنا الفلوس اللي معايا بتاعة المعلمة أم حنان ولو صرفتها هتضربني
ريتا : مش كل مرة يإسلام هجيبلك وأنا اللي أنضرب
إسلام وكعادته أخذ في البكاء
ريتا : أشار لإسلام علي بعض الواقفين علي جانب الطريق وقال له: روح أشحت من الناس دول وهما هيدوك فلوس وهات أكل.
فتوجه إسلام إليهم وطلب حسنة بسيطة ليشتري طبق الفول
فإذا بأحدهم يمسكه من ملابسه ويضربه علي خده لطمة كبيرة
قائلا : أنا مش هخلص منكم يولاد الكلب تعالي معايا والله لوديك الأحداث
فكان حظ إسلام السيئ أن هذا الرجل أمين شرطة !!
فلما رأي ريتا ما يجري جري ناحيتهم ومن بعيد قال للرجل (أمين الشرطة في زى المدني)
أيه يعم أنت سيبه هو عملك حاجة
فنظر الأمين إلي أحد الواقفين معه وكان أيضا أمين شرطة
وغمز إليه أن إمسك الطفل الأخر
فجري أمين الشرطة الثاني ناحية ريتا وماذال الأخر ممسكا بإسلام
فجري ريتا الصغير ولم يستطيع الأمين الثاني الإمساك به
فعاد الأمين الثاني إلي الأول وقال : إبن الكلب مركب عجل في رجله وملحقتوش
وفجأة ظهر ريتا مرة ثانية ومن بعيد قال : أيه يعم حرام عليك سيبه هو سرق منك حاجة
فضرب الأمين الأول إسلام علي رأسه بقسوة وقال له لو إتحركت من مكانك هقطعك
ثم جري الإثنين وراء ريتا تاركين ورائهم إسلام ولكن في حالة سيئة وكأنه علي وشك أن يفقد الوعي، وجري الإثنين خلف ريتا وأمسكا به هذه المرة بسهولة
أما إسلام فقد حاول الوقوف والجري وفعلا نجح وبدأ في الجري، ولكنه ليس في وعييه تماما
رأي هذا الأمين الأول فجري خلف إسلام وعندما شعر به إسلام حاول عبور الشارع بعيدا
عن الأمين وعندما حاول العبور كان هناك إتوبيس ضخم قادم بسرعة
فأسرع إسلام بالجري من أمامه إلي الناحية الأخرى
ونحج إسلام في المرور من الأتوبيس
ولكنه فوجأ بسيارة مسرعة كانت بجوار الأتوبيس من الناحية الأخرى
فصدمته السيارة
فإذا به ملقي علي الطريق فاقد للوعي يمليء دمه الطريق
فقام الأمين بالإتصال بالإسعاف
وأخذ الأمين زميله وتوجها إلي القسم الذي كان علي بعد عدة أمتار ممسكين بالمسكين ريتا
ولا أعلم إن كان من حسن حظه أم سوء حظه أن هناك من أتباع المعلمة أم حنان من شاهد ريتا وهو يدخل القسم مع أمناء الشرطة فأسرع بإبلاغها
فجائت أم حنان تلبس ملابس سوداء وتمسك بيدها منديلا وعيناها مليئة بالدموع قائلة
فين أبني ودتوه فين ؟ إنت فين يأبني ؟ هاتولي إبني ...
فدخلت إلي الأمين وترجته أن يترك ريتا التي أدعت أنه إبنها المفقود
فطلب منها الأمين أن توقع علي أنها متعهدة به وستحافظ عليه ولا تدعه يقوم ثانية بأعمال التسول، فوافقت ام حنان وأخذت ريتا
وهي ذاهبة رآها الأمين الذي أمسك بريتا وقال لها : أنتي يست
فردت أم حنان : نعم يبيه
إبنك كان معاه واحد تاني وضربته عربية ونقلناه مستشفي الهلال الأحمر
تعرفيه ؟
فقال ريتا : إسلام يأم حنان
فأطبقت أم حنان علي فم ريتا وقالت للأمين: عايش ولا ميت ؟
فقال لها : عايش
فقالت : أيوة إبني إسلام وبدأت في تصنع الدموع والألم والأسى ...
وخرجت ام حنان وأخذت ريتا إلي المستشفي
ومن أول خطوة لأم حنان بداخل المستشفي وهي تصرخ وتنوح وتبكي قائلة : إبني حبيبي، أبني فين ؟ أبني فين؟ هاتولي إبني ..
فسألت حتي وصلت إلي غرفة إسلام
وعندما دخلت عليه
وجدت بجواره طبيب فقالت له أبني ماله وأخزت تنوح وتقول: قوم يإسلام رد عل أمك يحبيبي
فقال الطبيب : ربنا يصبرك يستي .. البقاء لله
فنظرت أم حنان للطبيب ثم إلي الجسد والوجه اللذان يحملان ملامح الألم والعذاب
وتوقفت عن البكاء والتنويح واستدارت لتغادر الغرفة
فسألها الطبيب : علي فين يست ؟
فالتفتت أم حنان إلي الطبيب وقالت : أصله مطلعشي إبني ..
ونظرت إلي إسلام قائلة : الواد ده أنا معرفوش
.....