[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
بعد ثلاثة أسابيع من الإثارة المتواصلة والمنافسة الملتهبة بين 16 منتخباً أوروبياً قدموا أعلى مستويات كرة القدم في العالم، يسدل الستار يوم الأحد على منافسات كأس أمم أوروبا الثالثة عشرة (يورو 2008) بإقامة المباراة النهائية بين منتخبي ألمانيا وإسبانيا على ملعب إرنست هابل بالعاصمة النمساوية فيينا.
ويبدو المنتخب الإسباني أمام فرصة ثمينة لكي يتوج بطلاً لأوروبا للمرة الثانية في تاريخه والأولى منذ 44 عاماً، وذلك بعد المستوى المميز الذي ظهر به خلال جميع مبارياته في هذه البطولة، ومع امتلاء صفوفه بأفضل نجوم الكرة الأوروبية في الوقت الحالي.
ولكن ذلك لن يكون سهلاً فغريمه في المباراة النهائية هو المنتخب الألماني أبرز المنتخبات في تاريخ الكرة الأوروبية، والذي يعرف أكثر من غيره في القارة العجوز كيفية حصد الألقاب، فهو بطل أوروبا في ثلاث مناسبات (1972 و1980 و1996) وهو أيضاً بطل العالم ثلاث مرات (1954 و1974 و1990).
في المقابل لم يحقق المنتخب الإسباني أي لقب في بطولة كبرى باستثناء لقب يتيم في عام 1964 عندما نظم كأس أمم أوروبا وتوج بطلاً لها بفوزه في المباراة النهائية على الإتحاد السوفييتي 2-1. أما أبرز إنجاز له في نهائيات كأس العالم فكان حصوله على المركز الرابع في البرازيل عام 1950.
ومنذ خمسينات القرن الماضي، كان المنتخب الإسباني يدخل البطولات القارية والعالمية كفريق مرشح لإحراز اللقب مع ما ضمه من لاعبين نجوم على مدار تاريخه، ومع قوة أنديته على الساحة العالمية خاصة ناديي ريال مدريد وبرشلونة، ولكن هذه الترشيحات لم تكن ابداً بحجم الترشيحات التي نالتها منتخبات أوروبية أخرى مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.
وقد رسخ الإسبان هذا الاعتقاد على مدار العقود الماضية واعتادوا خذل محبيهم بطولة بعد الأخرى بمستواهم المتذبذب، فتارة كانوا يودعون المنافسات بخسارة أمام منتخبات مغمورة مثل نيجيريا وكوريا الجنوبية وتارة أخرى بعد أداء بطولي أمام منتخبات عريقة مثل فرنسا وإنكلترا وإيطاليا، وكانت المرة الوحيدة التي اقتربوا فيها من تحقيق إنجاز عديد في نهائي كأس أمم أوروبا 1984 الذي خسروه أمام فرنسا صاحبة الارض.
في الوقت نفسه وضع منتخب ألمانيا الغربية نفسه على الخريطة الكروية كأحد أفضل المنتخبات في العالم منذ منتصف الستينات بتتويجه بطلاً للعالم وأوروبا عدة مرات، إضافة لمنافسته بقوة على إحراز الألقاب، فكان قاب قوسين أو أدنى من نيل 6 ألقاب أخرى خلال هذه الفترة كانت كفيلة بجعله المنتخب الأبرز في تاريخ كرة القدم العالمية بدلاً من البرازيل، حيث خسر المباراة النهائية لكأس العالم أعوام 1966 أمام إنكلترا و1982 أمام إيطاليا و1986 امام الأرجنتين و2002 امام البرازيل، كما خسر ايضاً النهائي الأوروبي عام 1976 بركلات الترجيح أمام تشيكوسلوفاكيا و1992 أمام الدنمارك.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
ويضم المنتخب الألماني الذي يبحث عن أول لقب له في الألفية الجديدة مزيجاً متوازناً من عناصر الخبرة والشباب الذين حققوا منذ عامين المركز الثالث في كأس العالم، وتوقع لها الكثيرون حينها أن يكونوا في المستقبل أحد أبرز المنتخبات العالمية، وهاهم يؤكدون ذلك سريعا. ومن هؤلاء الحارس ينس ليمان (38 عاماً)، بالإضافة لمايكل بالاك وميروسلاف كلوزه الذان كانا ضمن نجوم الفريق الذي خسر المباراة النهائية أمام البرازيل في كأس العالم 2002 بكوريا الجنوبية/اليابان، والنجوم الشابة لوكاس بودولسكي وفيليب لام وباستيان شفاينشتايغر وبير ميرتساكر.
وظهر المانشافت في البطولة الحالية بشكل جيد حيث لعب بطريقة هجومية معتمدا على تألق الرباعي بودولسكي وشفاينشتايغر وكلوزه وبالاك، الذين سجلوا فيما بينهم 9 من أهداف الفريق العشرة في البطولة.
في حين ظهر بشكل مهزوز من الناحية الدفاعية فتلقى مرماه 6 أهداف ولم يحافظ على شباكه نظيفة سوى في مباراتي بولندا والنمسا بالدور الأول، وكانت مشكلة الفريق الأساسية في طرفي الدفاع حيث جاءت معظم الأهداف بسبب فشل لام وآرني فرايدريتش ومارسيل يانسن في القيام بمهامهم الدفاعية على الشكل الأمثل، وهي مشكلة سيكون على المدرب يواكيم لوف حلها قبل مواجهة إسبانيا.
مهمة صعبة للإسبان
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
أما على الجانب الإسباني، فهناك غياب للمهاجم دافيد فيا هداف البطولة حتى الآن برصيد 4 أهداف، والذي يعاني من إصابة في الفخذ، وهو ما قد يدفع بالمدرب لويس آراغونيس إلى أن يبدأ المباراة بفرناندو توريس كمهاجم واحد صريح مع الدفع بنجم الوسط الشاب تشيسك فابريغاس في خط الوسط، في الوقت الذي تبقى فيه أيضاً احتمالات ضعيفة بأن يستمر اعتماده على رأسي حربة بالدفع بهداف الدوري الإسباني داني غويزا من بداية اللقاء بعد أن ظهر الأخير بمستوى جيد وإحرز هدفين في البطولة رغم بقائه على دكة البدلاء معظم الوقت.
وقد قدم المنتخب أداء هجومي رائع هو الأخر خلال البطولة الحالية معتمداً على دافيد فيا وفرناندو توريس اللذان يعدان من أبرز المهاجمين في القارة الأوروبية هذا الموسم، كما تألق لاعبو خط الوسط بشكل لافت حيث ظهر تفاهم واضح بين لاعبي برشلونة تشابي هرنانديز وأندرس إنييستا، كما شكل دافيد سيلفا خطورة دائمة على المنافسين بتحركاته على الجانبين ومهاراته الفردية، أما صاحب التسديدات الصاروخية ماركوس سينا فكان بدون أحد ابرز لاعبي الوسط الدفاعي في البطولة.
كما اكتسب خط دفاعه الثقة مبارة تلو الأخرى حتى ظهر بأفضل مستوى له في أخر لقاءين خاصة قلبي الدفاع كارلوس مارشينا وكارلوس بويول، في الوقت الذي شكل فيه أيضاً لاعبي الأطراف سرجيو راموس وخوان كابديفيا إضافة كبيرة لقوة الفريق الدفاعية والهجومية.
في النهاية، ربما تبدو إسبانيا هي الأفضل من حيث النتائج والمستوى وجودة اللاعبين وخبرة المدرب، ولكن المنتخب الألماني أثبت على مر التاريخ أنه فريق قادر على إقتناص الألقاب وحسم المباريات الهامة حتى لو لم يقدم كرة قدم جميلة، والشيء المهم أن الإثارة والمتعة سيكونا مضمونان لجميع عشاق كرة القدم خلال المباراة النهائية على ملعب إرنست.
الطريق إلى النهائي
على النقيض تماماً من مستواه المتميز في كؤوس العالم الأخيرة، دخل المنتخب الألماني منافسات البطولة الحالية وهو يبحث عن تحقيق الفوز في إحدى مبارياته للمرة الأولى منذ 12 عاماً، بعد أن كان قد ودع البطولة من الدور الأول في هولندا/بلجيكا 2000 والبرتغال 2004.
وبدأ الفريق البطولة بطريقة رائعة فحقق فوزاً مقنعاً على بولندا (2-صفر)، قبل أن يسقط في مباراته الثانية أمام كرواتيا المتألقة (1-2)، ليصبح عليه تحقيق نتيجة إيجابية في مباراته الأخيرة أمام صاحبة الأرض النمسا من أجل الوصول لربع النهائي. وبالفعل نجح المانشافت في الفوز بشق الأنفس بفضل تسديدة بعيدة المدى من بالاك ليحصل على المركز الثاني في المجموعة ويتأهل لربع النهائي.
وفي ربع النهائي قدم الفريق أفضل مبارياته وأطاح بالبرتغال (3-2) في مباراة تألق خلالها شفاينشتايغر بشكل خاص، ليلاقي بعد ذلك مفاجأة البطولة تركيا في نصف النهائي، وعانى المانشافت كثيراً خلال هذه المباراة خاصة في الجانب الدفاعي وكان قاب قوسين أو أدنى من توديع البطولة، لكن فيليب لام الذي ظهر بشكل متواضع في معظم فترات اللقاء دفاعياً، اقتنص هدف الفوز في اللحظات الأخيرة من الوقت الاصلي بعد تمريرة بينية رائعة من هيتزلسبرغر ليصعد بفريق إلى المباراة النهائية للمرة السادسة في تاريخه.
في المقابل، قدم المنتخب الإسباني أداءا ثابتاً منذ انطلاق البطولة فبدأ بفوز ساحق على نظيره الروسي 4-1 بفضل ثلاثية من فيا وهدف من توريس، ثم تغلب على السويد (2-1) ليضمن التأهل لربع النهائي مبكراً، ورغم أنه شارك باللاعبين البدلاء في مباراته الأخيرة بالمجموعة أمام اليونان حاملة اللقب حقق الفريق فوزاً مستحقاً (2-1).
وجاء الاختبار الصعب في الدور ربع النهائي أمام المنتخب الإيطالي بطل العالم، وفشل الإسبان في استغلال الفرص التي سنحت لهم خلال المباراة، ليحتكم الفريقان لركلات الترجيح التي تألق خلالها كاسياس وصعد بالفريق إلى الدور نصف النهائي للمرة الأولى منذ 24 عاما.
ثم عاد الفريق ليواجه المنتخب الروسي في نصف النهائي، ورغم أن الأخير كان قد تحسن بشكل لافت بعد خسارته المباراة الأولى وحقق ثلاثة انتصارات متتالية أمام كل من اليونان والسويد وهولندا، وكان التفوق إسبانيا مرة أخرى، هذه المرة بنتيجة (3-0) بفضل هدف من كل من تشابي وغويزا وسيلفا، ليصعد الفريق للنهائي للمرة الثانية في تاريخه.
آراغونيس v لوف
بالحديث عن المدربين تبدو كفة الخبرة في صالح آراغونيس (68 عاماً) فخبرته التدريبية تمتد لأكثر من 30 عاماً درب خلالهم عدد كبير من الأندية، منها أتليتيكو مدريد الذي قاده للقب الليغا 1977، بالإضافة لأندية أخرى أبرزها برشلونة وفالنسيا ومايوركا، قبل أن يتولى مهمة تدريب المنتخب الإسباني في عام 2004.
أما لوف (48 عاما) فبدأ التدريب منذ 12 عاماً فقط، ودرب خلال مسيرته أندية مثل فنرباخشه التركي وشتوتغارت الالماني وأوستريا فيينا النمساوية، ثم التحق بالجهاز التدريبي للمنتخب الألماني كمدرب مساعد في عام 2004، قبل أن يخلف المدرب يورغن كلينسمان في عام 2006 بعد انتهاء منافسات كأس العالم.
معلومات سريعة
• منتخب إسبانيا الفائز عام 2002 ببطولة أمم أوروبا للناشئين تحت 17 عاماً كان يضم بين صفوفه ثلاثة من لاعبي المنتخب الأول الحالي وهم أندرس إنييستا وفرناندو توريس وسرجيو غارسيا، وقد فاز الفريق حينها بهدف نظيف في المباراة النهائية على المنتخب الألماني الذي ضم بيوتر تروشوفكسي وفيليب لام ودافيد أودونكور، وسجل الهدف الوحيد توريس بعد تمريرة من إنييستا.
• ملعب إرنست هابل في فيينا لا يحمل ذكريات جيدة للأندية الإسبانية والألمانية، فعلى هذا الملعب خسر ريال مدريد نهائي كأس أوروبا للأندية البطلة (1-3) أمام إنتر ميلان الإيطالي في عام 1964، كما خسر بايرن ميونيخ الألماني نهائي نفس البطولة أمام بورتو البرتغالي (1-2) في نفس الملعب عام 1987.
• متوسط أعمار الـ 11 لاعب الذي بدأو مباريات المنتخب الإسباني في المباريات الخمس الماضية هو 26.8 عاماً، بينما بلغ نفس المتوسط للمنتخب الألماني 27.7 عاماً، وكلا المنتخبين من أصغر المنتخبات في البطولة، كما أنهما من المنتخبات القليلة التي اعتمدت على مزيج متوازن من لاعبي الخبرة والشباب.
• لاعبو المنتخب الإسباني الذين بدأوا مباراته الأخيرة في نصف النهائي أمام روسيا جاءوا من 4 أندية إسبانية هي برشلونة (3 لاعبين) وفالنسيا (3) وريال مدريد (2) وفياريال (2)، بالإضافة إلى لاعب من نادي ليفربول الإنكليزي هو فرناندو توريس، في حين كان لاعبو المنتخب الألماني في مواجهة تركيا من 7 أندية مختلفة أبرزهم نادي بايرن ميونيخ بـ 4 لاعبين.